سورة الرعد - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


الذين يَصِلون الإيمان به بالإيمان بالأنبياء والرسل.
ويقال الذين يصلون أنفاسَهم بعضاً ببعض؛ فلا يتخلَّلُها نَفَسٌ لغير الله، ولا بغير الله، ولا في شهود غير الله.
ويقال يَصِلُون سَيْرَهم بِسُرَاهم في إقامة العبودية، والتبرِّي من الحول والقوة.
وقوله: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}: الخشية لجامٌ يُوقفُ المؤمنَ عن الرَّكْضِ في ميادين الهوى، وزِمامٌ يَجُرُّ إلى استدامة حكم التُّقَى.
وقوله: {وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ} هو أن يبدو من الله ما لم يكونوا يحتسبون.


قوله جلّ ذكره: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ}.
الصبر يختلف باختلاف الأغراض التي لأَجْلِها يصبر الصابر، فالعُبَّاد يصبرون لخوف العقوبة، والزهاد يصبرون طمعاً في المثوبة، وأصحاب الإرادة هم الذين صبروا ابتغاء وجهِ ربهم؛ وشرطُ هذا النوع من الصبر رَفْضُ ما يمنع من الوصول، واستدامةُ التوقي منه، فيدخل فيه ترك الشهوات، والتجردُ عن جميع الشواغل والعلاقات، فيصبر عن العِلَّةِ والزَّلةِ، وعن كل شيءٍ يشغل عن الله.
ومما يجب عليه الصبر الوقوفُ على حكم تَعزُّزٍ الحق، فإنَّه- سبحانه- يتفضِّل على الكافة من المجتهدين، ويتعزز- خصوصاً- على المريدين، فيمنحهم الصبر في أيام إرادتهم، فإذا صَدَقُوا في صبرهم جَادَ عليهم بتحقيق ما طلبوا.
قوله جلّ ذكره: {وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيةً}.
الأغنياء ينفقون أموالَهم. والعُبَّاد ينفقون نفوسَهم ويتحملون صنوف الاجتهاد، ويصبرون على أداء الفرائض والأوراد. والمريدون ينفقون قلوبهم فيسرعون إلى أداء الفرائض والأوراد ويصبرون إلى أن يبوحَ علم من الإقبال عليهم. وأمَّا المحبون فينفقون أرواحَهم.. وهي كما قيل:
ألستَ لي خَلَفاً كفى شَرَفَاً *** فما وراءًكَ لي قَصْدٌ ومطلوبُ
قوله جلّ ذكره: {وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيْئَةَ أُوَْلئِكَ لَهُمُ عُقْبَى الدَّارِ}.
يعاشرون الناس بِحُسْنِ الخلُق؛ فيبدأون بالإنصاف ولا يطلبون الانتصاف، وإِنْ عَامَلَهم أحدٌ بالجفاء قابلوه بالوفاء، وإِنْ أذنب إليهم قومٌ اعتذروا عنهم، وإن مرضوا عادوهم.


يتم النعمة عليهم بأن يجمع بينهم وبين مَن يُحبون صحبتهم مِنْ أقاربهم وأزواجهم، وقد ورد في الخبر: «المرءُ مع مَنْ أَحَب» فَمَنْ كان محبوبُه أمثالَه وأقاربَه حُشِرَ معهم، ومَنْ كان اليومَ بقلبه مع الله، فهو غداً مع الله، وفي الخبر: «أنا جليسُ مَنْ ذكرني» وهذا في العاجل، وأمَّا في الآجل، ففي الخبر: «الفقراء الصابرون جُلَسَاءُ الله يومَ القيامةِ».

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9